بقلم : شادي جاد
بدأ الحوار بعد وقوعي في ذنب كبير ، و انا عندي احساس من الحيرة و الاسئلة الكتيرة جوايا و كانت كالاتي :
انا كل ما اقول اتغير او اني مش هاعمل كده تاني بلاقي نفسي برجع و بابقى اصعب من الاول ..
هو انا فعلا اتغيرت ولا انا كنت بخدع نفسي يوم ما صليت قولت خلاص انا هاكون واحد مختلف
طيب يا ترى ربنا هيسبني على الرف لانه انا بوظت كل الدنيا ..
يا ترى هيكون التعامل معاه شكله ازاي الوقت اللي جاي ..
انا لما بقع بعمل اشر من اشر الخطاه .. يبقى اكيد انا فاشل ..
انا مش حاسس بحاجة يا رتني كنت بعيد عن ربنا كنت فرحت بالخطية ، او مكنتش عملتها من الاساس و ريحت نفسي من الاحساس دا
طيب يا ترى هتقبل تاني ؟؟
يعني انا ممكن يتغفر ليا ؟!!
.. حيرة و مش عارف اعمل ايه .. احساس صعب جدا انك تبقى قرفان من نفسك ، و نفسك انك تولع في نفسك علشان ترتاح من الذنب …
وجدته يقترب ..
خفت اكثر ..
حاولت ان اخفي وجهي حتى لا يراني ..
بدأت محاولة الانهماك في كثير من الاشياء ..
اقترب اكثر ..
فنزلت تحت الطرابيزة .. و رأسي في الأرض ..
شعرت باقدام وقفت عندي .. و شخص يقول لي باستغراب: هو فيه حاجة واقعة منك و حضرتك مش عارف تجبها ؟؟
طلع العامل في المكان ..
فابتسمت في جهه و قلت له : شكرا .. مفيش حاجة ..
و انا عنيا بتلف بتشوف هو قاعد فين علشان احاول استخبى منه ..
و فجأة ..
اجد شخص حكيم يظهر عليه الهيبة و الاحترام ، قاعد بيكتب في ورقة حاجات ..
هذا الشخص قابلته كثيرا .. اعرف نظرته .. اعرف انه لن يجرحني ، لن يرفضني ، اعرف انه يبحث عن الضال حتى يجده ، عارف انه جه مخصوص علشاني ، علشان عارف اني محتاج لكده .. عارف اني تعبان و في حيرة صعبة .. عارف انه قاعد في طرابيزة تاني علشان ميبقاش تقيل عليا .. عارف اني بيحترم ارداتي جدا … عارف انه جواه اجابات لكل الاسئلة و الحيرة اللي جوايا .. متأكد انه عنده وقت ليا ، انا فاكر يوم ما كنت عنده في المكتب قالي تعالى في اي وقت مكتبي مفتوح ..
حاولت امسك نفسي و اعصابي و اقرب منه .. و انا كل ما باخد خطوة ناحية طرابيزته بحس بانه الموضوع صعب ، و ارجع الف ظهري و اقول : لأ مش قادر و مش عارف ، و بأي وش هاقبله … انا مش قادر .. انا قرفان من الي عملته في حقه …
قلت اجرب احكي معاه افتح حوار ، يمكن الاقي اني مقبول .. فكرت في الموضوع قولت انا كده كده تعبان و مش قادر استمتع بطعم الراحة او الاكل .. اروح ليه حتى لو ركني على الرف بس احسن من اللي انا فيه … و انا لسه رايح قولت افكر في كام جملة تبقى مدخل ليه استعطفه وانا عارف قلبه حنين هيرق من الكلمتين و يضعف و يقولي سامحتك .. يعني فكرة .. اقوله انا عارف اني غلط و منفعش تاني و انا بس عاوز ابقى على الرف .. و انا رايح لاقيته هو قام من على الطرابيزة .. افتكرت انه ماشي لاقيته جاي ناحيتي ..
حسيت بخوف اكتر ..
حاولت التراجع …
لكن كان فيه نظرة منه خلتني ابكي ، مش نظرة الاب لما يوصل لابنه انه معرفش يربي فيحس بالذنب … لا لكن نظرة الحب اللي خلتني ابكي لاني عارف اني ماستحقهاش … انا عارف اني فاشل و خيبان .. انا عارف نفسي .. و هو بيحبني دا بيألمني اكتر لاني مش قادر استحمل الحب دا لاني عارف اني ماستحقش دا ..
سلم عليا جامد و بحرارة ..
قولتله : بص .. من غير اي نقاش او اني ابرأ ساحتى او احاول اني ادي اعذار للي عملته .. لانه مفيش اعذار ولو اديت اعذار ابقى بضحك على نفسي و عليك .. انا غلط كتير و اللي انت هحتكم بيه دا حقي .. انا عارف كده كويس .. و اللي يفرق معايا في الحكم هو انك فعلا مش هتديني حاجة اكبر من غلطي ولا هتداري على الغلط .. بس مش دا اللي هاممني .. اللي هاممني انك واحشني ، اللي هاممني انك متبقاش حزين عليا ، اللي يهمني اني اشوفك راضي و مبسوط ،بدوق طعم السعادة معاك .. من فضلك لا تحرمني من دا ، مش عاوز حاجة في الدنيا فعلا لكن متحرمنيش من وجهك .. مش عاوز اخدم ولا اعمل حاجة .. بس انا عاوز ابقى معاك ..
شاور بايده علشان يهديني من الكلام و البكاء .. و انا في نظرته انا مكشوف لكن مش مفضوح او مجروح .. في نظرته دواء لكل مكسور فيا …
ساد صمت رهيب وقتها حسيت اني مش في المكان اصلا .. و انه انا وهو لوحدينا …
وقتها كنت حاسس بكل الاحساسيس .. عاجز و خايف ، فاشل و خايب ، مكسور و مليان دموع ، تايه و خسرت كل حاجة …
بدأ يتكلم و في كلامه هديت حاجات كتير لانه مكنش فارق معايا يقول ايه لكن كان فارق معايا انه يتكلم ..
قال : ليه بتستخبى مني ؟؟
انا : خايف و مرعوب ..
هو : ليه ؟؟
انا : لانه انا غلط و شوهت كل حاجة كويسة فيا ..
هو : لمجرد انك جيت و مش مستحمل دا دليل على انه انت لسه فيك حاجة كويسة …
انا : بس انا لاقيت نفسي قليل اوي و ضعيف جدا قدام الخطية فانا منفعش …
بص في عيني كده و راح قالي : ايه رأيك لو قطعت ايدي ؟
ابتسم ابتسامة خفيفة كعادته و كمل كلام : انت بتحب الفلسفة صح ؟؟
رديت و قولت : اه .. و منساش انك انت اللي علمتني الحكمة ..
رد و قال : هايل … فيه حاجة اسمها الاستحالة النسبية و الاستحالة المطلقة ..
انا : تمام
هو : الاستحالة المطلقة قايمة على اي مبدأ ؟
انا : لا تعتمد على شئ خارج الشخص لكن على شئ داخله بحيث انه ميكنش في تضاد مع نفسه
هو : رائع .. المضاد مع نفسه يبقى مركب صح ؟؟
انا : تمام .. و انت مش مركب ولا في دايرة الزمن المتغير ولا تتغير بتغير الاحداث
هو : تخيل اني لو قولت اني اردتي قبل الازمنة في اختيارك ، في نفس الوقت قولتلك اني ارادتي هي هي اللي عاوزة تهلكك علشان غلط .. يبقى ايه ؟؟ !!!
انا : يبقى تضاد و تغيير .. و انت مش كده .. بس انا عملت غلط و لازم التمن يندفع …
لاقيت في عنيه نظرة حب .. و هو بيشبك اديه و قال : و مين قال ان التمن ماندفعش ؟؟
اقولك على حاجة مهمة لازم تفهمها .. انا كنت انت هناك ..
حسيت وقتها بحاجات اعمق .. هو كان انا !! علشان ابقى النهاردة حر .. علشان النهاردة ادرك معنى الامان و عدم الشعور بالخوف ..
بدا قلبي يهدا من الحيرة شوية بس لسه الشعور بالذنب جوايا و احساس اني مانفعش تاني ..
رديت بصوت متقطع و مش واضح اوي: بس انا مش نافع ليك تاني …
هو : و مين قال انك كنت نافع اولاني ..
انا : لا انا كنت بخدم و عايش كويس .. و مكنتش متوقع اني اقع في حاجة زي كده ..
هو : عدم ادراكك لحقيقة نفسك هو اللي بيخليك تقع في الخطية .. و يمكن المرادي كانت الهزة شديدة عليك و كشفت ليك نص الحقيقة .. هو انك متنفعش ..
حسيت باليأس لما قالي الكلام دا و انا متأكد فعلا اني مانفعش ..
بص لي كده و قال : انت متأكد انك متنفعش ؟؟
قولتله : بعد اللي حصل دا .. اه اعتقد اني مانفعش ؟؟
قال : متأكد انك ماتنفعش ؟؟
رديت و قولت : انا مش هلف و ادور عليك .. الموضوع واضح .. انت عارف اني مانفعش و مش عاوز اخدم بس عاوز ابقى جنبك .. ابقى خيبان و انا جمبك احسن ما ابقى واقف باقنعة قدام الناس و انا في الحقيقة مش جمبك ..
ابتسم و طبطب عليا و اخدني في حضنه و قال : هو دا المطلوب ..
قولتله طيب انا كده هروح و كفاية على كده ..
رفع ايده بيشاور ليا بالهدوء و الصبر و قالي : استني لما تعرف نص الحقيقة التاني ..
رديت و قولت : مش هتفرق كتير .. ما انا كده كده مش نافع ..
قالي : انا عاوزك في موضوع اكبر .. انا عاوز اقعد معاك علشان هأمنك على حاجات اكبر و عاوز اشتغل بيك في اماكن تاني مختلفة لاني واثق فيك ..
خبطني اوي الكلام حسيت انه بيصدمني .. يديني حاجات اكتر من الاول ؟؟ !! ، لا و الاصعب انه واثق في !! ، ازاي و انا منفعش !! …. استغربت و كانت علمات الاستفهام و الدهشة مالية كياني ..
ضحك قالي : بحبك و انت مستغرب كده علشان دايما الناس بتستغرب لما بقولها حاجة زي كده و هما بيقولوا مستحيل .. علشان اجوبك هكمل بنفس الفكرة اللي قولتها فوق موضوع النسبي و المطلق .. الاستحالة النسيبية امتى بتحصل ؟؟
انا : بيعتمد على شئ او شخص خارجي يتدخل علشان يحصل المستحيل و الشئ او الشخص له قدرة على خرق الاستحالة بالنسبة للشخص الآخر ..
هو : يبقى لما اقولك اني واثق فيك .. !! و لما اقولك اني هاعمل منك تحفة فنية بالرغم من اللي حصل من جرح و كسر و الم …
انا : عارف اللي بيعجبني فيك ايه ؟؟ !!
بابتسامة عريضة كعادته رد و قال : ايه ؟؟
قولتله انك بتملى عقلي و مشاعري و قلبي و قدرتي و كل ما في … انت ممتع ازاي كده … انا كنت بالغباء دا لما سبتك و مشيت بعيد عنك …
ابتسم و قال : بس انا مكنتش بعيد عنك .. انت حتة منى .. مش بس مكتوب على كفي .. ولا بس على صورتي .. لكن دا قيمتك من قيمتي … متبص على نفسك … بص عليا ساعتها هتعرف تكره الخطية ، ساعتها هتعرف تهرب منها ، المؤمن الحقيقي حتى لو خيبان و بيغلط بيكون مختلف عن اي شخص تاني بيمثل الايمان
و اختفى عن المشهد …
و انا جوايا فكرة و عمال اقول هو دايما بيسبني عند اخر سؤال ليه ؟؟ انا لسه عاوز اسئلة طيب عن اللي ضاع و خسرته ، عن حاجات فقدتها بسبب توهاني دا !! …
لاقيت الشخص العامل في المكان بيقولي : اتفضل الباقي ..
قولتله : انا مدفعتش اصلا
قال : الشخص اللي كان معاك عمل حاجة غريبة
قولتله : ليه ماله ؟؟
قال : دفع فلوس المشاريب و فيه باقي فلوس كتير ، بقوله ثواني اجبلك الباقي …
لاقيته ابتسم و قالي : شايف الشاب اللي هناك دا .. قولتله : اه
قالي : كل اللي لي هو ليه ، روح اديله الباقي …
وقتها بصيت عليه ملقتهوش … اخدت الباقي و شكرت الراجل و روحت و انا ماسك الباقي و انا مليان بالفرح و احساس اللي كان تعويضه اكبر من اللي خسره و صوت الجملة بيرن في وداني.. ” كل ما لي هو لك “