ماذا قالوا المؤرخين الرومان عن صلب وموت المسيح ؟

هذا المقال لكل الذين يريدون أن يتأكدوا من صحة رواية الكتاب المقدس (الإنجيل) عن أحداث صلب المسيح ودفنه وقيامته … وهذا حق كل متسائل أو متشكك أن يتقصي الحقائق، وخاصة في موضوع حساس مثل هذا. فهذا ليس مجرد موضوع أو نظرية علمية ولكنه حدث فارق في إيمان الكثيرين … فكل من يبحث ويجد أن صليب المسيح وموته وقيامته حقيقة؛ تتغير حياته وإيمانه ومفاهيمه عن الله وعن المسيح بل وعن نفسه أيضاً… لذا فإننا ندعوك أن تأخذ هذا الموضوع على محمل الجد وأن تقرأ أكثر وتبحث لكي تؤكد لنفسك إيمانك ومعتقداتك أو تغيرها، وهذه مسؤليتك تجاه نفسك…

ويعتبر هذا المقال هو أحد سلسلة مقالات عن الأدلة التاريخية لصلب وموت وقيامة المسيح… وسنبدأ بأبرز المؤرخين الرومان وما قالوه عن حقيقة الصليب.

كرنيليوس تاسيتوس ( من سنة 56 الي سنة 117 م ) وهو من اعظم المؤرخين في الدولة الرومانية، وهو مؤلف روماني عرف بالدقة والنزاهة. وقد عاصر ستة أباطرة (حكام الرومان) ولُقب بمؤرخ روما العظيم. من أشهر كتبه على الإطلاق الحوليات والتواريخ. وقد وردت في كتبه إشارات كثيرة عن المسيح والمسيحيّة من أبرزها: ” و لكي يتخلص نيرون من التهمة (أي حرق روما) ألصق هذه الجريمة بطبقة مكروهة معروفة باسم المسيحيّين، ونكَّل بها أشد تنكيل. فالمسيح الذي اشتق المسيحيون منه اسمهم، كان قد تعرض لأقصى عقاب في عهد طيباريوس على يد أحد ولاتنا المدعو بيلاطس البنطي. وقد راجت خرافة من أشد الخرافات إيذاء، وإن كانت قد شُكمت لفترة قصيرة، ولكنها عادت فشاعت ليس فقط في اليهودية المصدر الأول لكل شر، بل انتشرت أيضاً في روما التي أصبحت بؤرة لكل الأشياء الخبيثة والمخزية التي ترد إليها من جميع أقطار العالم”.

بليني الصغير ( 61 الي 112 م ) وهو حاكم مقاطعه بونتوس وهو يكتب للامبراطور ترجان عن موت المسيحيين الذين يرفضون عبادة الهة الامبراطور ويعبدون المسيح ويعتبرونه إلاهاً، والعجيب أنهم يحتفظون بصورة صليبه.

ثالوس المؤرخ توفي سنة 52 م وهو من مؤرخي روما العظماء. هذا كتب تاريخ أمم شرق البحر المتوسط من حرب طروادة حتى تاريخه، وإن كانت كتاباته الفعلية قد فُقِدَت، إلا أنها باقية إلى اليوم فى صورة أقتباسات وضعها العديد من المؤرخين فى أعمالهم، منهم المؤرخ يوليوس أفريكانوس (الأفريقي) أحد المؤرخين الذى عاش سنة 221م وقد أستشهد بكتابات المؤرخ ثالوس بشأن الظُملة التي حدثت أثناء صلب المسيح، فأشار يوليوس إلى عبارة وردت في تاريخ ثالوس تدور حول هذه الحادثة قال: “إن ثالوس في المجلد الثالث من تاريخه، يعلل ظاهرة الظلمة بأنها كسوف للشمس، وهذا غير معقول كما يبدو لي… كما غطى الظلام العالم بأكمله، و الصخور تشققت بفعل زلزال، و العديد من الأماكن فى اليهودية ومناطق أخرى طُرحوا و أندثروا بفعل الزلزال”.

لوسيان الساموساطي اليوناني كان هذا أحد مؤرخي اليونان البارزين في مطلع القرن الثاني الميلادي. وقد علق في مقال نقدي ساخر على المسيحيين والمسيح فى كتاب ” موت بيرجرنيوت ” للوسيان (ولد سنة 100 ميلادية) وأبرز ما قاله: “إن المسيحيين كما نعلم يعبدون إلى هذا اليوم رجلاً ذا شخصية متميزة، وقد استحدث الطقوس الجديدة التي يمارسونها والتي كانت علة صلبه.. انظر كيف يعتقد هؤلاء المخدوعون أنهم خالدون مدى الدهر، وهو ما يفسر احتقارهم للموت وبذل الذات طواعية وهو أمر شائع بينهم، وهم أيضاً يتأثرون بمُشَرعهم الأصلي (أي المسيح) الذي قال لهم إنهم جميعاً إخوة من اللحظة التي يتحولون فيها وينكرون كل آلهة اليونان ويعبدون الحكيم المصلوب ويعيشون طبقاً لشرائعه.

ومنذ اللحظة التي اهتدوا فيها (إلى المسيحية) وأنكروا آلهة اليونان وعبدوا الحكيم المصلوب، استقرّ في عرفهم أنهم إخوة”

وهناك آخرون كثر أكتفي بذكر أسمائهم لكي تبحث بنفسك في ما كتبوه وقالوه عن المسيح والصليب والقيامة وإيمان المسيحيين في القرن الأول الميلادي. (وما إهتميت أن أذكرهم هنا هم الذين عاصروا المسيح وكانوا يكتبوا بشكل نقدي ساخر على المسيحيين وإيمانهم ولكن يؤكدون حقيقة الأحداث).

غايوس سويتونيوس ترانكيلياس وهو من سنة 69 الي 140 م وهو رئيس كتاب للامبراطور هارديان ( 117 الي 138 م ) وهناك أيضاً ديوناسيوس الاريوباغي القاضي كان دارساً لعلوم الفلك والهندسة والطب وشهد وكتب عن أحداث الصليب وخاصة ظاهرة الظلمة.

الفليسوف كليوس (سنة 140 م) وهو من اشد اعداء المسيحية… هذا أيَّد في كتابه (البحث الحقيقي) قضية صلب المسيح وإن سخر من الغرض منه وقال: “احتمل المسيح آلام الصلب لأجل خير البشرية”

وهناك فليجون العالم الفلكى الذي كتب فليجون وهو مؤرخ وثنى تاريخاً سماه ” أخبار الأيام ” لم يعد له وجود الآن إلا ما اقتبسه عنه الكتاب الآخرون, ومثل ثالوس فإن فليجون، يؤكد أن الظلمة خيمت على الأرض وقت صلب المسيح بقوله ” وأثناء حكم طيباريوس قيصر حدث كسوف للشمس وقت اكتمال القمر”.

هذه أبرز الكتابات لكُتّاب ومؤرخين عاصروا أحداث الصلب والموت وإيمان المسيحيين بقيامة المسيح، كتبوا ليؤرخوا الأحداث بل ولكي ينقدوها أيضاً ويتهكموا على إيمان المسيحيين… لكنهم على الجانب الآخر أكدوا صحة ورواية أحداث الكتاب المقدس للصلب وموت المسيح شخصياً وليس غيره.

هذا بخلاف كتابات كثيرة لمؤرخين يهود عاصروا الأحداث وكتبوا عنها سوف نذكرها في مقال آخر، أيضاً الآثار التي تؤكد حقيقة الصلب والموت والقيامة، سوف نذكرها أيضاً في مقالات منفصلة.

وأدعوك أن تفكر ولو قليلاً، لماذا أكذب تاريخ كتبه وسطره الكُتاب والمؤرخين الرومان الذين صنعوا الحضارة الرومانية بكل ما وصلت إليه من تقدم وإزدهار… وأصدق رأي جاء بهد مآت السنين ينفي كل هذه الأحداث ويدعي إدعاءات من وحي الخيال، ويضرب بالتاريخ وبالآثار وبهذا الكم الهائل من الأدلة والإثباتات عرض الحائط ؟؟!!
أدعوك للتفكير.. أدعوك للتأمل .. أدعوك للدعاء إلى الله وتطلب مساعدته في فهم وإكتشاف الحقيقة.